نشرت
هذه الدراسة
في موقع "شفاف
الشرق الأوسط"
في 30 يناير 2007
مناقشة
النظرية
الأمريكية عن
إمكانية تحوّل
الأخوان
المسلمين نحو
الديمقراطية
-
جميع مرشدي
الإخوان لم
يدرسوا
الشريعة
وقوانينها
-
الفكر الغربي
لم يتوصل بعد
إلى فهم شخصية
المسلم
عارف علوان
(كارنيجي)
مؤسسة
أمريكية
بحثية
مستقلة، طرحت
عام 2002 مشروعاً
أطلقت عليه
مشروع كارنيجي
للشرق الأوسط،
مهمته، كما
ورد في موقع
المؤسسة الإلكتروني،
بناء فهم أفضل
للإصلاح
السياسي والاقتصادي
في الشرق
الأوسط. نشرت
المؤسسة عدة بحوث
عن الشرق
الأوسط
أبرزها ورقة
بعنوان "الحركات
الإسلامية
والعملية
الديمقراطية في
العالم
العربي:
استكشاف
المناطق
الرمادية"
في دراستنا
هذه مناقشة
لأفكار (كارنيجي)
عن إمكانية
تحوّل
الحركات
الإسلامية، والأخوان
المسلمين
المصرية على
وجه التحديد،
نحو
الديمقراطية.
ونحن نعتبر
جميع المواقف الصادرة
عن المؤسسات
الأمريكية،
المستقلة والرسمية،
المهتمة
بالعملية
الديمقراطية في
الشرق الأوسط
موقفاً
أمريكياً
واحداً، لأننا
وجدنا
تناغماً في
التحليل حول
فكرة رئيسية... (الكاتب)
تواجه
دول الشرق
الأوسط (العرب
حصراً) تياران
من الخطر
يهددان
استقرارها
وأبعد من ذلك
سيادتها،
ويستهدفان
التحضّر
البسيط الذي
أنجزته
مجتمعاتها
ومؤسساتها
المدنية التي
ما زالت في
الطور الأول
من الثبات.
التيار
الأول:
خارجي، يتمثل
في النفوذ
الإيراني
الذي نجحت
حكومة إيران
الإسلامية في
إقامة ركائز
متينة له، عبر
أيديولوجية
دينية نشيطة
ذات توجّه
طائفي – رجعي،
خصصت له طهران
دعماً مالياً
ضخماً،
مدعوماً
بأسلحة متطورة،
ومبشرين
حكوميين
يرتدون
اللباس
الديني، وخبراء
مكرسين
لمهمتهم،
نجحوا خلال
العشرين سنة
الأخيرة في
تأسيس أحزاب
وجماعات ضغط
تحت مظلّة
مشاكل محلية، اقتصادية
وسياسية
وتمثيلية،
أقوى نماذج هذه
الأحزاب
والجماعات:
1- حزب
الله في
لبنان.
2- حزب
الدعوة والمجلس
الأعلى
للثورة
الإسلامية،
اللذان كانا
يعارضان
النظام
العراقي السابق
من إيران، ثم
شكّلا أول
حكومة بعد
الإطاحة بصدام
حسين الذي عرف
بحكمه الوحشي.
3- التيار
الصدري.
أما
جماعات
الضغط،
فتتمثل في:
أ- حركة
حماس في
الأراضي
الفلسطينية.
ب- جماعة
الإخوان
المسلمين
المصرية.
ج-
الحركة
السلفية في
الكويت.
د-
المجموعات
الإسلامية في
الأردن.
ورغم أن
هذه الحركات
والجماعات
تنتمي إلى الطائفة
السنيّة،
إلاّ أن بعضها
ينسق مع طهران
مثل (حماس)
والبعض الآخر
يلتقي مع
شعارات الحكومة
الإسلامية
الإيرانية في
مبادئها الاجتماعية
ذات التوجه
السلفي، حيث
تنشط جميعها لمناهضة
التطور
ومظاهر
التحضّر باسم
تأصيل التراث.
والتأصيل
يعني لدى كل
هذه الجماعات
الانغلاق على
الذات فيما
يخصّ الدين
والثقافة، وهي
تخوض المعارك
مع القوى
الداخلية
الأخرى في
المجتمعات
العربية، من
سياسية
وثقافية ومدنية،
لمنعها من
مناقشة موضوع
التأصيل، أو المسّ
به عملياً.
التيار
الثاني:
داخلي، وهذا
التيار الذي
أصبح يهدد
استقرار البلدان
العربية،
ويستهدف
التحضّر
النسبي فيها،
أقدم في نشاطه
وتأثيره من
التيار الأول
الخارجي
(الإيراني)
وتمثله جماعة
الإخوان
المصرية
والجماعات
التكفيرية
التي خرجت من
أحضان
الإخوان ليشكّلوا
لأنفسهم
أحزاباً
وجماعات
متطرفة داخل
المنطقة
العربية
وخارجها،
اتخذت من
العنف،
شعاراً
وممارسة،
أسلوباً
وحيداً
للتعبير عن
موقفها، سواء
من الحكومات
التي ترفض
تطبيق الشريعة
الإسلامية
كقانون ملزم
للمواطنين
وللدولة
ومؤسساتها،
أو من القوى
السياسية
العلمانية
المهتمة،
أكثر من
الدين، بشؤون
الدنيا، أي
إصلاح
الأوضاع
الاقتصادية،
وتنشيط المؤسسات
المدنية،
ودعم النشاط
الثقافي
الحرّ،
وأخيراً تطوير
الدساتير
العربية
لتسمح
بالمزيد من
الديمقراطية.
نضيف،
أن الفكر الذي
قامت عليه
وعملت بموجبه جماعة
الإخوان
المصرية،
ولاحقاً
فروعها الأخرى
في الدول
العربية، لم
يطرأ عليه
تغيير منذ
تشكيل
الجماعة عام 1928
حتى هذه اللحظة.
أي أن
فكر الإخوان،
عكس
الديناميكية
التي اتسمت
بها مناهج
الأحزاب
والجماعات في
التاريخ،
باستثناء
الحزبين
الفاشي في
إيطاليا والنازي
في ألمانيا،
بقي على حاله
من الجمود الإسمنتي
رغم الأخطاء
الكثيرة،
والمأساوية
في أغلبها،
التي ارتكبها
الإخوان خلال
مسيرتهم، واعترفوا
بخطئها وقت
حصولها!
والكثير
من المثقفين
والسياسيين
العرب يتمنون،
كما تتمنى
مؤسسة (كارنيجي)
أن تلعب
الحركات
الإسلامية
دوراً بناءاً
لخدمة
المجتمعات
العربية على
ضوء المبادئ
الخيرية
والإنسانية
الموجودة في
الإسلام، غير أن
الواقع يؤكد
أن الحركات
الإسلامية تتحرك
باتجاه يعاكس
هذا التمني،
لأنها ما زالت
تستخدم مبادئ
الخير
(الجمعيات
الخيرية مثلاً)
للتخفي،
ولتضليل
الناس البسطاء
وكسب تأييدهم
لدعم نشاطها
السياسي. أما
مواقفها من
القضايا
العصرية فهي
بعيدة عن
التوجّه
الإنساني
الذي يسود
النشاط
الثقافي
والاقتصادي
والسياسي
والثقافي في
العالم
المتحضر.
ولكشف
أسباب الظلال
الرمادية
التي تسود جميع
مواقف
الحركات
الإسلامية من
القضايا العصرية،
علينا أولاً
فهم
أيديولوجية
هذه الحركات،
من خلال معرفة
الأسس
الدينية
والاجتماعية/النفسية
التي تأسست
على ضوئها.
فالأصوليون،
في جميع
البلدان العربية،
يمثلون
العصبة التي
ظلت متشبثة بالنظرة
القديمة من
التطور الذي
لحق بمواقف المجتمعات
العربية من
قضايا مثل
سلوك المرأة، الاختلاط
بأصحاب
الديانات
الأخرى،
الترتيب
العائلي
المتزمّت
داخل البيت،
التربية الحديثة
ومناهج
التعليم،
الزواج،
الإرث، قوانين
الطلاق،
وبقية الأمور
التي شملت
الحياة
المدنية في التي
كانت في طور
التحديث. وتحت
ضغط عوامل
التحديث
المذكورة
نشأت داخل
رؤوس هذه
العصبة فكرة
تأسيس أول
جماعة تحارب
تلك العوامل
التي اعتبروها
مهددة
للعادات
القديمة،
ولإضفاء هالة
من التقديس
على العادات
والشعائر
الموروثة ربطوها
بالإسلام،
فكانت
الخلافة-الإسلام-الاستعمار-وفساد
الحضارة
الغربية،
الركائز الفاعلة
لمساندة
الفكرة
الجديدة
وأيدلوجيتها
في العمل
الشعبي.
ويمكن
القول إن شعار
"الإسلام هو
الحلّ" الذي
بدأ به
الأخوان
المسلمون
نشاطهم
كجماعة، ما
زال يلهم
منظّري
وكتّاب وقادة
الجماعة لدى
تفسير
مواقفهم،
صراحة أو
مداورة، من كل
أمور الحياة
في مجالات
السياسة
والاقتصاد
والاجتماع
والثقافة وكل
ما ينتجه العقل
البشري،
عالمياً أو
عربياً، من
براهين جديدة
في علوم الطبّ
والفيزياء
والفلك
والآثار والفلسفة.
فهي تنظر، على
سبيل المثال،
إلى كل علاج
طبي جديد
يركّب في أي
جزء من الصين
أو الهند أو
أوربا، ولن
نقول في
أمريكا، على
أنه ركّبَ بناءاً
على ما جاء به
القرآن قبل
ألف وأربعمائة
سنة، وليس
نتيجة جهد عقل
إنساني من هذا
العصر! ويقول
الأصوليون
الإسلاميون
هذا الكلام بثقة
تحيّر العقل،
رغم أن النصّ
القرآني لم
يذكر اسم عنصر
واحد من عناصر
التركيبات الكيماوية
التي يتم
عبرها تصنيع
الدواء، لأن القرآن
في الأصل، مثل
بقية الكتب
السماوية، اختصّ
بالأخلاق
وبعلاقة
الإنسان
الفرد بخالقه.
طبعاً
لستُ بصدد
مناقشة ضعف أو
قوة كلام القرآن
في هذه
المسألة أو في
أمور الحياة
الأخرى، إذ
خاض في هذا
الموضوع،
وبجدارة
كبيرة، مفكرون
عرب، مثل محمد
أركون – العروي –
حسن حنفي –
حامد أبو زيد –
الأنصاري،
غليون، رضوان
السيد، سيد قمني،
وآخرون،
اعتبرهم
المفكر
الإسلامي
الباكستاني
أكبر أحمد
قلّة،
بالقياس إلى
المهمة الكبيرة
التي يضطلعون
بها، لكنني أود
مناقشة
الأفكار
والدراسات
الأكاديمية المتأنية
التي يعرضها
موقع (كارنيجي)
عن طبيعة
الجماعات
والأحزاب
الدينية،
والظواهر
التي تنمّ، أو
لا تنمّ، عن
تحوّل بعضها التدريجي
من العنف
والجمود
الفكري إلى
الانخراط في
العمل
السياسي
المدني عبر
المشاركة في
الانتخابات، ثم
إمكانية حدوث
تغيّر جذري
يطرأ على
منهجها يقودها
في النهاية
إلى
الديمقراطية
بشكلها الحديث.
في
البداية أود
الإشارة إلى
أن الفكر
التحليلي
الغربي لم
يتوصل بعد إلى
فهم علمي
للنفسية العربية
الإسلامية
المعقدة، أي
المركّبة، ولا
لمعرفة مفهوم
الإيمان
بالنسبة
للمسلم
المنخرط في
جماعات
حركية، لذلك
يبنى الغرب الكثير
من مواقفه
وتوقعاته على
أساس علم المنطق
وحده، وعلى
أفكار كتبها
سياسيون
يتابعون
الحركات
الإسلامية عن
بعد،
ويستخلصون
أحكاماً
سريعة تنشدها
حكومات أو
مؤسسات
غربية، تبحث
عن طريقة
للتعامل مع
النشاط
الإرهابي الإسلامي، الذي
يقلقها عدم
تراجعه رغم
الاحتياطات
الأمنية
الكبيرة
والمكلّفة،
والمهددة
أيضاً لحرية
المواطنين
الغربيين.
وفيما
يتعلق
باستخدام علم
المنطق كتدخل
عقلي يبحث في
المقارنات
لتفسير
الظواهر
والأفكار
والسلوك، فإن
المنطق
(بمناهجه
الثلاثة التي
وضعها
أفلاطون) لا ينطبق
إلاّ جزئياً
على النفسية
العربية المسلمة،
لأنه (علم
المنطق) لم
يكن قد وصل
شبه الجزيرة
العربية، ولا
حتى سوريا،
التي يُفترض أن
النبي محمد
عاش فيها لعشر
سنوات إلى أن
تشبّعت في
خياله فكرة
نشر الإسلام.
ولهذا السبب
بالذات
أتخمتْ
النصوص
القرآنية
بالتعميم والغيبيات،
حيث وجد الناس
صعوبة في
استيعاب أفكار
الدين الجديد
عقلياً، مما
دفع محمد
وأصحابه إلى
نشر الإسلام
بالقوة
والتخويف،
عسكرياً أو من
خلال آيات
تعتمد
التهديد على
الأرض وفي
السماء.
على ضوء
هذه الحقيقة،
لو أن
المسيحية بعد
صلب عيسى بقيت
تعمل ضمن
الرقعة
الجغرافية
التي نشأت
فيها (فلسطين
وشبه الجزيرة
العربية) لما
تسلّلت إلى
نصوصها
الدينية
مبادئ التسامح
وقبول الآخر
والابتعاد عن
العنف. رغم اعتقادي
أن في كل
لاهوت توجد
بذرة ما،
صغيرة أو
كبيرة يمكن
سقيُها
بالحقد
للوصول بها
إلى العنف.
فالإيمان
لدى المسلم،
على سبيل المثال،
عَمِلَ في
أحيان كثيرة
بمعزل عن
الدين ذاته.
أي عمِلَ
لحسابه الخاص
وأدى إلى نفس
النتائج التي
تسعى الحركات
الإسلامية
للوصول إليها.
ويمكن
للمسلم، من كل
الأعراق، أن
يعيش حياته
على ثلاث
كلمات من
الدين (الله،
جنّة، كافر)
دون أن يهتم
ببقية أفكار
الإسلام،
وسوف أتطرق
إلى بعض ما
أعرفه من هذه
الحالات
للكشف عن أخطر
العوامل المحفّزة
على العنف
الإسلامي،
أعني
الإيمان،
الذي لا تربطه
بالعقل، ولا
بالواقع، أية
جذور.
وقد
يكون أبرز
دراسات (كارنيجي)
عن إمكانية
تحوّل
الحركات
الإسلامية
نحو الديمقراطية
الإصدار
المشترك لـ نيثان ج. براون،
عمرو حمزاوي،
ومارينا أوتاواى،
والذي يحمل
عنوان (الحركات
الإسلامية
والعملية
الديمقراطية في
العالم
العربي:
استكشاف
المناطق
الرمادية -
مارس 2006) حيث وجدتُ
إشارات
مهمة
وموضوعية إلى
نقاط الغموض
التي ما زالت تكتنف
مواقف ومناهج
الحركات
الإسلامية من
قضايا
اجتماعية
تسجّل تقدماً
مطّرداً في
العالم،
بينما تتراجع
إلى الوراء في
المجتمعات الإسلامية،
العربية وغير
العربية،
أطلقت عليها
الدراسة
تسمية
المناطق
الرمادية في مواقف
هذه الحركات،
مع ذلك غامرت
الدراسة وبإشارات
عديدة إلى
إمكانية خروج
الحركات الإسلامية
من المناطق
الرمادية إلى
مناطق أكثر وضوحاً
في مواقفها من
القضايا
العصرية، مثل حقوق
المرأة
والديمقراطية
والحرية
الفردية
والنظم
الدستورية
العلمانية.
بالطبع
يمكننا
المراهنة على
عامل الزمن
لتفتيت
وإضعاف قوة
المدّ الإسلامي
الرجعي
(السلفي) في
الشرق
الأوسط، مما
يؤدي إلى
ابتعاد الناس
عن شعاراته
كما حدث لشعارات
القوميين
والشيوعيين
العرب، خاصة بعد
فشل حكومتين
إسلاميتين في
المنطقة
العربية:
الأولى،
حكومة
السودان
الدينية التي
ولدت نتيجة
تحالف
الترابي (حزب
المؤتمر
الشعبي) مع
الضباط
الانقلابيين
1989 برئاسة عمر
البشير (الرئيس
الحالي) حين
أدى تعصب
الترابي
لشعاراته
الدينية إلى
إلغاء
الدستور
المدني القديم
وتبني
الشريعة،
التي تعتمد
الفقه الديني
في بلد ثلث
سكانه من
المسيحيين
والوثنيين،
وهذا أدى إلى
ظهور أزمات
اقتصادية
وسياسية
وانشقاق
اجتماعي عميق
دفع العديد من
الأحزاب إلى حمل
السلاح، كما
أدى إلى
استعار الحرب
في الجنوب.
ولم يخفف من
هذه الأزمات
وينهي الصراع
في الجنوب إلا
اعتقال
البشير
للترابي 2004،
وتجميد العمل
بقوانين
الشريعة بشكل
من الأشكال.
والثانية،
الحكومة
الفلسطينية
التي شكلتها
حركة حماس الإسلامية
بعد
الانتخابات
الديمقراطية
(2006)، حيث أدت
سياسة حماس
إلى إعادة
الاحتلال
لغزة والضفة
الغربية بعد
تسلم السلطة
الفلسطينية
مسؤولية
إدارتها
لأكثر من عشر
سنوات، وتسبب
منهج حماس
الديني
المتطرف في
إشاعة الفوضى
وعمليات
الاغتيال
وخطف
الصحفيين الأجانب،
وشقّ الصف
الفلسطيني
الاجتماعي
والسياسي،
وحرمان
الفلسطينيين
من كل أنواع
الدعم
الخارجي، مما
هدد بحرب
أهلية
وبانهيار اقتصادي
خطير. وما
زالت حماس
تتمسك
بحكومتها رغم
المآزق التي
عددنا بعضها.
نضيف
إلى هذين
الحكومتين
حكومة ثالثة
من خارج
المنطقة
العربية، وهي حكومة
حركة طالبان
في
أفغانستان،
حيث قدمت نموذجاً
وحشياً لما
يترتب على قفز
حركة إسلامية
إلى السلطة،
ويكفي
الإشارة إلى
إعدام النساء
بقطع رؤوسهن
بالساطور في
الطريق العام
بحسب قانون
الشريعة،
لتتراجع عن
ذهن الإنسان المتمدن
أي مغامرة قد
تدفع
بالحركات
الإسلامية إلى
الحكم.
لكن،
بالعودة إلى
الزمن كعامل
تغيير يتبناه عدد
من الكتّاب
العرب
والغربيين،
فالزمن يتطلب
تضحيات ضخمة،
لكن لا أحد
يضمن تحقيق
نتيجة أكيدة
لتأثيره، لأن
الزمن نفسه
عنصر هدم سلبي
للقضايا التي
يحلوا للعرب
تسميتها
"مركزية"،
ذلك أن
الطبيعة الاتكالية،
التي عملت
القدريّة
الدينية
وتشبّعُ الإسلام
بالغيبيات
على ترسيخها
في العقلية
المسلمة،
تحوّل الزمن
إلى دافع
للاسترخاء
والترقب، أي
مجرداً من
فاعليته في
الهدم
والبناء، ومن
غير حافز قوي
يأتي من خارج
النفسية
العربية فإن
التأثر بعامل
الزمن يأخذ
وقتاً أطول،
وبالتالي ضحايا
أكثر. ومن
الأفضل أن
يكون الحافز
من داخل
المنطقة، أي
من خلال عمل
جماعي ثقافي
وفكري مدعوماً
ومتبنى من قبل
الأحزاب
العلمانية.
أما
فيما يتعلق
بابتعاد
المجتمعات
العربية عن
الشعارات
القومية
واليسارية،
فلم يكن الزمن
وحده وراء هذا
الابتعاد،
ولا وراء فشل
تلك الشعارات
في أذهان
الناس، إنما
كان انهيار
الاتحاد
السوفييتي من
جهة، واقتناع
العرب بعدم قدرتهم،
عسكرياً، على
إزالة
إسرائيل من
جهة أخرى،
العامل الأول
والحافز
الأقوى
للإحباط الذي
أصاب العرب من
شعاراتهم
القومية أو اليسارية.
وبالنسبة
للحالة
الدينية،
يعود فشل الزمن
في فرض
قوانينه على
الشعارات
الأصولية طوال
ثمانين عاماً
زحمتْ
بالأخطاء
والمدّ والجزر
في الحراك
السياسي -
الديني، إلى
الشعارات الدينية،
لأنها تبعث
إشارات قوية
للنفسية العربية
المسلمة بأن
عودة الزمن
إلى الوراء ممكنة
بالقليل من
الجهد
الحزبي،
وبالمعتاد من
الأوهام التي
تنسجم مع
الأسس التي
رُكّبتْ عليها
النفسية
العربية
المسلمة. أي
القدريّة والغيبيّة
التي بشر بها
الإسلام منذ 14
قرناً.
وباعتقادي
أن الغموض
الذي تلجأ
إليه الحركات
الإسلامية في
بعض
تصريحاتها
إنما هو جزء
من تكتيك
اتبعته منذ
نشوء الأصل
الأول لفروع
هذه الحركات
عام 1928، أي
جماعة
الأخوان
المسلمين. فقد
اعتادت
الجماعة على
الانحناء
للعاصفة لامتصاص
الغضب الرسمي
أو الغضب
الشعبي الذي
يظهر تجاه
عمليات القتل
التي تقوم
بها، ثم تعود
إلى المحاججة
والتبرير بعد
مرور
العاصفة، كما
تعود إلى
العنف في
مرحلة قادمة.
وتلعب ردود الأفعال
الشعبية
والرسمية
تجاه الحركات
الإسلامية
دوراً كبيراً
في إجبارها
على التنكّر
للعنف، أو
الوعد
بالتخلي عنه،
بَيدَ أن هذه
مواقف
الجماعات
الإسلامية من
العنف تقال في
العلن، من دون
أن تمسّ
المنهج
الأصلي حين يُناقش
في الغرف
المغلقة.
وإذا
عدنا إلى
المناطق
الرمادية في
مواقف الحركات
الإسلامية،
نجد منهجهم
السياسي الديني
لم يطرأ عليه
أي تغيير منذ
ظهور الإخوان
المسلمين عام
1928، بينما
منحوا
مواقفهم
المعلنة مرونة
سياسية كبيرة
للتضليل. وهم
في الحقيقة لا
يجدون عيباً
في اتباع
ازدواجية
غرضها
انتهازي
لحماية
تنظيمهم من
الغضب العام،
أو الغضب
الحكومي كما
حدث لدى
اغتيال
القاضي الخازندار
عام 1943،
واغتيال
السادات 1981،
وللإخوان
خبرة متراكمة
في هذا
المجال.
والمفارقة
المضحكة أن رجل
الشرطة
المصري
بغريزة الحدس
التي تشكّلت لديه
نتيجة اختلاطه
بالإخوان في
الشارع وفي
السجون، يعرف حقيقة
ازدواجية
الإخوان
المسلمين
والجماعات
المتفرعة
عنها أسرع مما
يفعل رجل
السياسة أو
الفكر،
وسنورد أمثلة
تاريخية عن
رمادية مواقف
الحركات
الإسلامية،
المدروسة
والمتعمدة.
الحركات
الإسلامية
وإمكانيات
التحوّل
إن
التصور الذي
أقامت على
أساسه ورقة كارنيجي
فكرتها عن
إمكانية
تحوّل
الحركات
الإسلامية
التدريجي نحو
العمل
السياسي
الديمقراطي، لا
يقدم برهاناً
متيناً يدعم
حيثياته
الفكرية
ونتائجه
المستخلصة
للأسباب
التالية:
أولاً،
لأن الإخوان
المسلمين لم
يخوضوا تجربة
الحكم في مصر،
مما يسمح
باختبار
نواياهم
الحقيقية من
وراء الاشتراك
في انتخابات
عام 1984 وعام 2006.
ثانياً،
إن تشكيل حركة
حماس (ذراعهم
الفلسطيني)
أول حكومة
تنفيذية من
خلال
الانتخابات،
أثبتت أن وصول
الحركات
الإسلامية
ديمقراطياً
إلى الحكم، أو
دخولها
تحالفاً مع
الحكم (تجربة
الترابي) لم
يؤد إلى
التزامها
بالأسس
الديمقراطية التي
تأتي بها إلى
الحكم. الدليل
أن حكومة حماس
اتجهت إلى
التحالف مع
أنظمة (إيران
وسوريا) أبسط
ما توصف به
أنها قمعية
واستبدادية
تجاه شعبها،
ومتورطة في
سياسات
إرهابية
هدفها تعطيل
الديمقراطية
في البلدان
المجاورة.
واتخذت حماس
منذ الأسبوع
الأول لتشكيل
الحكومة إجراءات
ذات طابع ديني
رجعي، لتميّز
نفسها عن بقية
المجتمع
الفلسطيني،
المعروف
بمستوى ممتاز
في التعليم
والدراسات
العليا.
أما في
السودان، فلم
ينه الترابي
فترة وجوده في
السلطة إلاّ
بأحكام جائرة
باسم
الشريعة، حيث شنق في عام
1985 الفيلسوف
المتصوف محمد
محمود طه
بتهمة "الردة"،
وفي سنة 1999 أقرت
محكمة
الاستئناف في
الخرطوم
الحكم على
فنان بـ 260 جلدة
بتهمة "الإساءة
إلى الدين".
هاتان
التجربتان
اليتيمتان في
السودان وفلسطين،
لا توحيان
بوجود مناطق
رمادية في
منهج الحركات
الإسلامية، لأن
التجربة
الديمقراطية
التي جاءت
بحماس والترابي
إلى الحكم لم
تتمكن من صقل
الخشونة الدينية
والسياسية في
سلوك الحركات
الإسلامية.
السبب أن
منهجهم
الفكري يربي
القادة والأعضاء
على الحقد
تجاه من
يعارضهم،
والرغبة العنيفة
في السيطرة
على الآخرين
بمعزل عن
الكثير من مبادئ
الإسلام،
وسوف نضيف
المزيد من
البراهين
لدعم هذه
الحقيقة في
آخر الدراسة.
ليس
لمرشدي
الإخوان
علاقة
بالشريعة ولا
بالفقه
الديني
ما دمنا
حددنا مصدري
الخطر الذي
يتهدد استقرار
المنطقة
العربية
ويستهدف
التحضر
النسبي في بين
المجتمعات
الموجودة
فيها بـ: 1- خطر
خارجي يتمثل
في مطاكح
الحكومة
الدينية في
إيران، حيث
تسعى إلى مدّ نفوذها
الإقليمي من
خلال الطائفة الشيغية
العربية
فإقامة بؤر
مذهبية
تتحوّل إلى
ميليشيات
مسلحة كجزر
عسكرية (حزب
الله
والأحزاب الشيعية
العراقية. و2-
خطر داخلي
تمثله
الحركات
الأصولية
السنيّة
التكفيرية،
مستندة إلى
عمودها
الفقري
(الأخوان
المسلمين
منهجهم
السلفي، سوف
نتمهل قليلاً
هنا لمعرفة
طبيعة جماعة
الإخوان ونمط
تفكيرهم وعلاقتهم
الهشّة
بالدين
الإسلامي
الذي تشهره الجماعة
بوجه منتقديها
لإضعاف
تأثيرهم على
مؤيديها من
جهة، ولخداع المجتمعات
العربية بانتهاب
صفة المدافع
الأول عن
الإسلام ضد
أعدائه، وهم دائماً
وهميون!
من
الأمور
المقلقة في
الصراع
القادم بين
العرب من جهة
والحكومة
الإسلامية
الإيرانية، وبين
المجتمعات
العربية
والحركات
الأصولية من
جهة أخرى، أن
الحسّ الشعبي
العربي يفتقد
الوعي
الثقافي الذي
يؤهله
للتمييز بين
مصلحته
القومية،
وبين عاطفته
الدينية. وبالنسبة
لإيران، عمل
قادتها،
وبدعم كبير من
النظام
السوري، على
توظيف
المشاعر
الشعبية العربية
لتكون ضد
نفسها وضد
مصالح
بلدانها من
خلال دعاية،
تثقيفية
وحربية (معارك
حزب الله مع
إسرائيل)
صوّرت لهم
النظام
الإيراني كحليف
مهم للعرب
فيما يتعلق
بإسرائيل
ومؤامرات الغرب
ومواقفه
العدائية من
الإسلام...كذا!
أما
الحركات
الأصولية
العربية، فقد
صورت للمواطنين
العرب،
البسيطين في
ثقافتهم، أن
الإسلام،
كدين، يتعرض
لمؤامرة
دولية خطيرة
هدفها تنصير
المسلمين أو
القضاء على
دينهم.
وفي كلا الدعايتين
استخدمت
الحكومة
الإيرانية
والحركات
الأصولية على
حدٍ سواء
الأكاذيب
والتهويل
وتفسير
الأمور على
غير حقيقتها
لخدمة منهجا
الدعائي. ومنذ
حرب حزب الله
مع إسرائيل في
12 يوليو الماضي،
يسود
الاعتقاد لدى
نسبة كبيرة من
العرب
المسلمين أن
إيران وحدها
تستطيع إزالة
إسرائيل من
الوجود حالما
تنتهي من
صناعة قنبلتها
النووية.
ويخفي العرب
المتشدّدون،
من أصوليين أو
قوميين، عن
الوعي الشعبي
في المجتمعات
العربية أن
مواجهة نووية
بين إيران
وإسرائيل،
إذا حدثت
فعلاً، قد
تدمر عدداً من
المدن
الإسرائيلية
الكبيرة،
لكنها
ستحوّل، في نفس
اللحظة،
مدناً عديدة
في فلسطين
والأردن وجنوب
لبنان وشمال
سوريا إلى
مناطق مقفرة
لا يمكن العيش
فيها على مدى
نصف قرن أو
أكثر كما حدث
لمدينة شرنوبل
الروسية،
التي تسربت
الإشعاعات من
مصنعها النووي
عام 1986، وأدت
إلى قتل عدد
كبير من
سكانها، ولا
يمكن حتى
اليوم للبشر
والحيوان
الاقتراب من
المناطق
المحيطة بها. وقد
تأثرت حياة
ملايين
الأوربيين
الذين يعيشون
على مسافات
أبعد من
المفاعل، وما
زالوا يتعرضون
إلى شحنات من
الإشعاع. لا
تزال 370 مزرعة لتربية
الخراف في
بريطانيا
تخضع لقيود في
الحركة نتيجة
لانفجار
مفاعل شرنوبل.
(عن تقرير
المجلة
العلمية (Nature
أما
الجماعات
الأصولية
العربية، فهي
تقدم للمسلمين
صورة مبتسرة،
لكنها مشرقة،
عن حكم الخلافة،
وتخفي عنهم أن
الخلافة بعد
وفاة أبو بكر
(الخليفة
الثاني) تمرغت
في
الاغتيالات
والخلافات
والحروب
الطاحنة ثم
تحوّلت إلى
سلطة للحكم
العائلي يسودها
البذخ
والسيطرة
الحديدية
والاستبداد.
وأن فترة
الخلافة
العثمانية،
التي ادعى
الأخوان
المسلمون
أنهم جاءوا
ليحوها من
جديد، بلغ فيها
الاستبداد
ذراه القصوى
في معاملة
المسلمين
العرب على يد
الباب
العالي، الذي
كان يعيين
الحكام
(الباشوات)
على الأقاليم
العربية مقابل
الرشوة!
وتغرّر
جماعة
الأخوان
المسلمين
بالناس إذ تصور
لهم أن تطبيق
الشريعة حقق
للعرب فترات
عصور ذهبية!
وهذا تماماً
عكس ما حدث،
لأن أهم عصر
ذهبي في تاريخ
العرب حدث في
الفترة
العباسية،
ولم يكن ليحدث
لولا فصل
الدين عن
الدولة، وإدخال
تحديث فقهي
كبير على
الشريعة التي
تلاعب بها
الخلفاء طوال
الفترة الأموية
عبر تنصيب
الفقهاء
الكبار ولاةً
على الأقاليم.
وبالإضافة
إلى التلاعب
وعدم الأمانة
في عرض التاريخ،
ولكثرة حديث
قيادات
الأخوان عن الشريعة
وترديدهم
للآيات
والأحاديث
النبوية في
مؤتمراتهم
الصحفية وفي
بياناتهم،
اعتقد الناس
أن هذه
القيادات
ملمّة
بالشريعة
وبالفقه
الديني نتيجة
انصراف
ودراسة
طويلين، إلاّ
أنهم في
الحقيقة
ليسوا كذلك،
إذ لم يدرسوا
الشريعة،
وشنوا حملات
جائرة على
شيوخ الأزهر الذين
كشفوا أخطاء
الأخوان في
تفسيرهم لعدد كبير
من مبادئ
الشريعة
وقوانينها،
ولخلطهم بين الدين
والسياسة.
وتقع الرغبة
في السيطرة
على السلطة
السياسية في
القلب من
نشاطهم
ومنهجهم. وتبين
السيرة
التالية
لمرشدي
الأخوان الذين
توالوا على
زعامة
الجماعة منذ 1928
حتى اليوم حقيقة
اختصاصاتهم
ونوعية
تحصيلهم
الدراسي:
·
حسن البنا:
مؤسس الجماعة
و مرشدها
الأول. تخرج
من دار
العلوم عام 1927.
ودار العلوم
تدرس
الفيزياء
والكيمياء
وعلم الحيوان
والحشرات
والعلوم
الأخرى.
·
حسن الهضيبي:
المرشد
الثاني
للجماعة التحق
بمدرسة
الحقوق،
وتخرج منها
عام 1915م
·
عمر التلمساني: المرشد
الثالث
للجماعة درس في
كلية الحقوق،
وتخرج سنة 1933م.
·
محمد
حامد أبو
النصر:
المرشد الرابع
للجماعة حصل على
شهادة إتمام
الدراسة
الثانوية
العامة.
·
مصطفي
مشهور:
المرشد
الخامس
للجماعة التحق
بالجامعة
بكلية
العلوم،ثم
تخرج فيها سنة
1942م.
·
مأمون الهضيبي:
المرشد
السادس
للجماعة تخرج
من كلية
الحقوق وعمل
بالنيابة.
·
محمد
مهدي عاكف:المرشد
السابع
للجماعة تخرّج من
المعهد
العالي
للتربية
الرياضية العام
1950.
·
سيد
قطب: أحد
أهم مفكري
الجماعة
الذين أثاروا
الكثير من
الجدل. تخرج من كلية دار
العلوم 1933
حاملاً شهادة الليسانس
في الآداب.
أما
عن خلفية
وطبيعة
البنية
العقلية لهؤلاء
المرشدين،
فقد نشأ
أغلبهم في
القرى والمدن
الصغيرة في
الريف
المصري، الذي
بقي حتى خمسينات
القرن الماضي
بعيداً عن
المؤثرات الثقافية
العالمية
التي حملت إلى
المدن الكبيرة
مثل القاهرة
والإسكندرية
وبور سعيد والمنصورة
والإسماعيلية
مظاهر
الحداثة في
الفكر وفي نمط
الحياة. وقد
وجد قادة
الجماعة
ومرشدوها في البيئة
الاجتماعية
الريفية
الساحة
المناسبة
لطبيعتهم
الشديدة في
ميلها نحو
الأفكار الرجعية
ممثلة
بالعادات
والتقاليد
القديمة. بينما
كان الريف
المصري يرسل
إلى المدن
الكبرى سيلاً
لا ينقطع من
العقول
الباحثة عن
العلم والتموّر
والمعرفة
الحديثة.
المناطق
الرمادية في
مواقف
الحركات
الإسلامية
ليست رمادية
الأمر
الجوهري في سيرورة
الحياة المعاشة
على هذا
الكوكب، أن
هذه السيرورة
مندفعة على
ضوء قوانينها
الصارمة نحو
الأمام وليس
إلى الخلف.
وتشمل هذه
القوانين
حياة الإنسان
وفكره
وتركيبته
الجسدية. وقد
كان، ولا
يزال، منهج
الحركات الإسلامية
يقوم على فكرة
نفسية وليست
علمية، تدعي
أن حلّ مشاكل
المسلمين
وغير
المسلمين يتطلب
عودة إلى
الماضي في
ردّة
انتقالية
سريعة، واجب
هذه الحركات
الإعداد لها
بالتخلّص من كل
ما لحق
بالمجتمعات
الإسلامية من
تحديث للعادات
والعلاقات
وأساليب
الحكم.
وبالطبع يجب أن
تكون العودة
الارتدادية
إلى الماضي
الإسلامي
وليس أي ماضٍ
آخر!
بالتأكيد،
تقصد الحركات
الإسلامية
بالماضي
الإسلامي
فترة
الخلافة،
وتعتبرها
فترة عظيمة في
تاريخ البشر،
فقط لأن الدين
الإسلامي ظهر
فيها،
متنكرةً لما
سبق الإسلام
من ديانات
أخرى وأفكار
فلسفية عميقة الأثر
في حياة
الشعوب
الإغريقية
والرومانية
ومن ثمّ بقية
الشعوب
الأوربية،
وهذا التنكّر
جزء من التعصب
هدفه نفخ
النفسية
الأصولية بالغرور.
فإذا تفحصنا
الآليات
القديمة التي حركت
الماضي في
الفترة
الإسلامية
الأولى.
ويطنب الإخوان
المسلمون
بلاغياً في
وصف عظمة فترة
الخلافة، رغم
أنها شهدت
اعتباراً من
الخلافة الثالثة
(عثمان)
خلافات
وحروباً
قاسية بين المسلمين
أنفسهم على
السلطة وليس
على أي شيء آخر
كما بيّنا.
وتخللتها
اغتيالات
ومؤامرات جاءت
الحركات
الإسلامية
لتحيي ذكراها
باغتيالات مشابهة
بعد مرور 14
قرناً.
وجماعة
الإخوان
المصرية،
وفروعها، بنت
منهجها
الديني
واستراتيجيتها
على أساس جزء
من منطق
وأساليب ذاك
الماضي
لتحقيق مهامها
الأيديولوجية
في هذا العصر.
ومفهوم
الخلافة
بالنسبة
للحركات
الإسلامية لا
يعني فقط وضع
المجتمعات
العربية تحت
إمرة رجل
واحد،
الخليفة، بل
يذهب إلى أن
الإسلام هو
الدين البديل
لكل الأديان
الأخرى من أجل
إنقاذ
البشرية من
الضلال. طبعاً
الضلال يعني
المسيحية
واليهودية
والبوذية
التي تعتبرها
آيات قرآنية
معينة قد
حُرفتْ لدى
كتابة التوراة
والإنجيل،
رغم تأثر
الدين
الإسلامي
بالكثير من
أفكارهما.
وبمتابعة
ما يدلي به الانتحاريون
في لقطات
الفيديو التي
تُسجل لهم قبل
الذهاب لتفجير
أنفسهم في باصات
الركاب في
أوربا وفي
العراق، نمسك
الخيوط الدقيقة
عن طبيعة
دعاوى
الحركات
الإسلامية، حيث
يتحدث شبّان
مراهقون عن
الذهاب
السريع إلى
الجنّة
لمعاشرة الحور
العين (1)
وعن الأمل في
نشر الإسلام
في كل بقاع
العالم!
ومن
طبيعة الأمور
أن أي جماعة
أو حزب أو
حكومة تلجأ
إلى العنف
تجاه معارضيها
والاغتيالات
لتصفية
خصومها
تستخدم
التضليل
للتبرؤ من
عملها غير
القانوني.
وفي بحث
مهم يقول د .
محمد أركون
إن الخطاب
الإسلامي كان
دائماً
غامضاَ فيما إذا
استمر الوعي
الإسلامي
المعاصر على
خطى الوعي
الإسلامي
الكلاسيكي
وبنفس الحدّة
الأيديولوجية،
وهو بواسطة
شعاراته الميتافيزيقية
يغذّي وعي
المسلمين
بوجود هوة
ساحقة ما بين
الأعمال
والمبادرات
البشرية من
جهة، وما بين
القانون
الديني
الكامل
والمعصوم من جهة
أخرى(2).
الإيمان،
كصاعق آلي
لتفجير
الأحزمة
والحقائب المفخّخة
ارتبطت
معرفة العالم
للإسلام في
القرن الماضي
وبداية
الألفية
الثالثة
بعمليات
الإرهاب التي
قتلت آلاف
الأبرياء من
مسلمين وغير
مسلمين، إذ
كان الإسلام
قبل ذلك في
حالة عميقة من
الخمول نتيجة
الضعف الذي
أصاب إمبراطورية
الخلافة
التركية،
التي سيطرت
على المنطقة
العربية
لأربعة قرون.
وكانت
استراتيجية جماعة
الإخوان ترمي
لتحقيق هدفين:
رفع ما يسمى براية
الإسلام،
ومحاربة
الفكر النهضوي
الذي انتعش في
مصر نهاية
القرن الثامن
عشر وبداية القرن
التاسع عشر،
وعلى الأغلب
أن تأسيس الجماعة
كان رداً على
ظهور الفكر النهضوي،
وهذا ما سوف
نتطرق إليه
بعد قليل.
وفي كلا
الهدفين
المطلوب
تحقيقهما،
وضع الإخوان
العنف
والإرهاب
كمبدأ أساسي
لرفع راية الإسلام
ومحاربة أفكار
النهضويين،
حيث وضعوا على
رأس مبادئهم
عبارة
"الجهاد سبيلنا".
ويذكر أن حسن البنا عمد
منذ البداية
إلى تشكيل
كتائب مسلحة
تتولى تنفيذ
الهدف الثاني
الخاص
بمحاربة النهضويين،
ويقال أنه
نفسه كان يحمل
مسدساً حصل
على ترخيص له
بواسطة موظف
كبير متعاطف
مع الإخوان. يقال
أيضاً أنه كان
يهيئ الكتائب
لخوض الجهاد
ضد القوى
الغربية التي
بدأت حملتها
للقضاء على
الخلافة
العثمانية.
من
البديهي في كل
عملية قتل
سياسي وجود
شخص مندفع ومهوس
في اعتقاده
الأيديولوجي،
وكان التنظيم
السري للأخوان
قد شحن عقول
الكثير من
الشباب
بالحقد
والعداء لكل
ما هو غير
مسلم، من بشر
وأفكار، لكن
بعد اتساع
نشاط الجماعة
وازدياد عدد
المنتسبين إليها
بظهور فروع
لها في بقية
البلدان
العربية والإسلامية،
أصبحت
الأعمال
الجهادية
(الإرهابية)
تحتاج
أعداداً أكبر
من المهيأين
نفسياً للقتل
باسم
العقيدة، ثم،
وبتحوّل
النشاط الإسلامي
من عمل عربي
داخلي إلى عمل
عالمي واسع يحتاج
عدداً أكبر من
العناصر الاستشهادية،
استخدمت
الحركات
الإسلامية
نموذجاً
جديداً من الأنصار
الانتحاريين
أقل مستوى،
عقلياً وتعليماً،
من الأعضاء
الذين نفذوا
عمليات القتل في
الثلاثينات
والأربعينات
من القرن
الماضي،
لكنهم أكثر
استعداداً
لقتل أنفسهم
والآخرين،
فوجدوا في
الإيمان
بحالته
التجريدية الساذجة
مصدراً
غزيراً
لتنفيذ
نشاطها
الإرهابي
الذي يدعم
مشروعها
السياسي.
يتأسس
الإيمان
الساذج ثم
يتراكم في
وجدان الفرد
المسلم
العادي بمعزل
عن فهم مبادئ
الدين وبمعزل
عن وصايا
الإسلام
الأخلاقية،
مثل عدم قتل
النفس من غير
ذنب أو إيذاء
الناس وسلب أموالهم،
ويتغذّى من
العادات
والشعائر
المحيطة به،
ومن
الاحتفالات
الرمزية في
المناسبات
الدينية
والأعياد. ولا
يتطلب
الانتساب إلى
هذا النمط من
الإيمان
معرفة الركائز
المبدئية
للدين، ولا
مناقشتها، أو الوعي
بالتفسيرات
التي استندت
إليها. إنه إيمان
يكتفي من كل
هذه الأمور
بثلاث كلمات
(الله-الجنّة-كافر)
وكلمة
"الله" في نظر
ذوي الإيمان
الساذج قوة سماوية
لا يحق للبشر
مناقشة ما
تقدِّره أو تطلبه
حتى لو جاء
على لسان أقرب
البشر إليهم،
لأن نقاش كهذا
حرام. وهذا
النمط من
الإيمان موجود
بين معتنقي كل
الديانات،
وفيما يخصّ
المسلمين
العرب ومن
الأعراق
الأخرى، توجد
أعداد هائلة
ممن حُصر
إيمانهم في
هذه الحدود،
وتبدأ
أعمارهم من
الثامنة عشر
إلى الشيخوخة،
وتكتفي
الحركات
الإسلامية
بتحصيل التبرعات
والزكاة ممن
هم بين
الثلاثين إلى
فترة
الشيخوخة،
بينما تتصيّد
الشبّان في
المناسبات
التي ذكرناها
لتجنيدهم في
الأعمال الجهادية/الإرهابية(*).
وفيما
يلي توصيف
دقيق لهذه
الفئة من
المسلمين ذوي
الإيمان
الساذج،
الذين يمثلون
أخطر الفئات
استعداداً
للقيام
بالعمليات
الانتحارية:
- كشفت
تحقيقات
البوليس
الإنكليزي في
تفجير عربات
المترو وباص
ركاب واحد (2005) أن
الرأس المخطط
والمنفذ لهذا
العمل
الإرهابي كان
معروفاً في
منطقته
بالميل إلى
الشغب، وله
سجل لدى
البوليس عن
إساءة الأدب
والاعتداء
على الجيران،
وهو متخلف في
الدراسة. ومن
الناحية النفسية
كان سريع
الغضب، متهور.
- بعد
الهجوم الذي
شنه البوليس
في لندن على
شقة يسكنها
أخوان من
الباكستانيين
إثر تلقيها
معلومات عن وجود
مواد
كيميائية
خطيرة فيها،
كشفت الصحف البريطانية
أن الأخ
الأكبر
المتهم
مباشرة بإخفاء
المواد كان
يرتاد أماكن
اللهو
والشرب، ومعروف
بطبعه الحاد
وروح شرسة
أثناء
المشاحنات في
الشارع. وقد
وجهت الشرطة
إليه تهمة
الاعتداء
الجنسي،
لكنها لم
تستطع
إثباتها عليه.
- قبل
ذهابه إلى
أفغانستان
للالتحاق
بالقاعدة،
عاش أبو مصعب الزرقاوي
فترة مراهقة
عابثة، أدمن
بعدها على
الخمر، وأسس
عصابة للسلب،
وكانت
مشاحناته مع
سكان مدينة
الزرقاء لا
تعد ولا تحصى،
مما حمل والده
على القسم
بالتخلص منه
بقتله إذا
أمسك به لأنه
ارتكب كل
الرذائل في
مجتمع محافظ
يهتم أفراده
بسمعة
العائلة.
وعندما نصحه
أحد
الأصوليين
بغسل كل ذنوبه
عبر الالتحاق
بالمجاهدين
في أفغانستان
على أمل الاستشهاد
فيها، لم
يحتمل مسؤولو
القاعدة، بمن
فيهم بن لادن،
سلوك الزرقاوي
وتطيّره. وبعد
إهماله في
أفغانستان
خرج منها
وانضم إلى
حركة أصولية
شمال العراق،
ومنها تسلل
إلى المنطقة
الوسطى
لمحاربة
القوات
الأمريكية
التي احتلت العراق.
ويقال أيضاً
أن الرجل
الأصولي ندم
على نصيحته
بعد أن شاهد
المجازر التي
يرتكبها الزرقاوي
في شوارع
بغداد، حيث
نفذ في غضون
سنتين بواسطة
الانتحاريين
من ذوي
الإيمان
الساذج أبشع
المجازر بحق
الأبرياء،
إلى أن قتل في
غارة على بيت
كان يختبئ
فيه.
خلاف
الحركات
الإسلامية مع
الغرب ينقصه
المستوى
الفكري
لا أرى
أن القادة
الأصوليين قد
أنضجوا خلافاً
فكرياً حول
قضايا
اللاهوت مع
الغرب المسيحي
واليهودي،
لأنهم غير
قادرين على
الوصول إلى
استنتاجات
رفيعة حول
طبيعة
الأديان أو
فلسفة اللاهوت،
لذلك ظلت كتب
أهم مفكري
الحركات
الإسلامية
محصورة في
عموميات الفقه
الديني
الإسلامي، أولاً:
بسبب عدم
امتلاكهم
المعرفة خارج
دائرة عزلتهم
الضيقة. ثانياً:
لعدم وجود فرع
في جامعة
الأزهر يدرّس
الديانات
الأخرى ويهتم
بالبحوث
والدراسات
المقارنة،
مما حرم المجتمعات
والثقافة
العربية من
دراسات فكرية
رزينة ونشر
كتب توضح
الفرق بين
الإسلام
وبقية الأديان
السماوية
وغير
السماوية،
مثل البوذية(5). ثالثاً:
لأن كل قادة
ومنظري
الأخوان لا
يعرفون غير
بعض المبادئ
العامة من
الشريعة، يحاججون
بها في
بياناتهم
ويربطون
مواقفهم
وتصرفاتهم
بها. وفي كل
نقدهم للغرب
يركز قادة
الحركات الإسلامية
ومفكروها
على الجوانب
العادية من
حياة
الغربيين،
ويتحركون
بشكل دائري
على ما يسمونه
العريّ الغربي.
ويعتبرون
الحضارة
الغربية
قائمة على العريّ!
بالطبع
المقصود هنا
عريّ النساء،
لأن الأصوليين
لا يخشون عريّ
رجالهم، بل ما
يرعبهم هو عريّ
نسائهم.
وتستخدم
الحركات
الإسلامية
العريّ
الغربي
بكثافة في
دعايتها
ومناهجها التعليمية،
وفي تفسير
رفضهم لكل
إنجازات
العلوم
الإنسانية
الحديثة، وقد
صرخ أحد
الأصوليين في
إحدى الندوات
التلفزيونية
عندما جرى الحديث
عن حق المرأة
في الانتخاب
قائلاً: "يعني
ما بالهم
وبال نسائنا!
أيشاركن أم لا
يشاركن! هذه
مسألة ترجع
إلينا"(6).
ومقولة حضارة
العريّ في
الغرب مقولة
كاذبة
ومضخّمة، لأن
الحضارة
الغربية بدأت
خطواتها
الأولى
والحثيثة منذ
القرن السادس
عشر، وتأسست
وقامت على
مبادئ
إنسانية مهمة،
بدءً بحق
التعبير عن
الرأي،
الحرية الفردية،
حقوق
الإنسان، حق
المرأة
بالمساواة مع
الرجل،
الديمقراطية
في الحكم
وتبادل السلطة،
اعتبار
الإرهاب
الفكري
جريمة، حرية
الإبداع والاختراع
والاكتشاف.
أثناء ذلك
كانت المرأة
ترتدي ثياباً
تلامس الأرض،
ولم تتغير هذه
الثياب إلى
نهاية
الخمسينات من
القرن
الماضي، حين
بدأت الفتاة
الغربية
ترتدي الثياب
الحديثة!
فالحضارة
الغربية،
الثقافية
والصناعية، لم
تؤسس على ضوء
المقاييس
الزمنية
لثياب
المرأة، بل هذا
ما يفكر به
قادة الحركات
الإسلامية
الآن.
وحول
موضوع العريّ
في الغرب الذي
يعتبره الأصوليون
دليلاً على
الانحطاط
يقول د.
إبراهيم البلهيني
أثناء ظهور له
على تلفزيون
أبو طبي (7 مارس
2006):
"هذه
صورة نمطية
تحصر الأخلاق
بالجانب
الجنسي، ولا
يمكن أن يزدهر
أي مجتمع بدون
وجود أخلاق
متينة. وفي
المنطقة
العربية
تدافع أحزاب
وجماعات عن
الجهل،
وتشتبك مع الآخرين
لتثبيته"
ويمكننا
العودة مرة
أخرى إلى فكر
محمد أركون،
الذي يرى: "أن
تحرير الفكر
الإسلامي
يتطلب جهداً
كبيراً طبقاً
للفكرة الباشلارية
(نسبة إلى
المفكر
الفرنسي باشلار)
التي تقول
بأنه لا يمكن
أن يتقدم
الفكر العلمي
إلا بتهديم
المعارف
الخاطئة
الراسخة"
وعندما
تطرق البابا بينديكتوس في
محاضرته
بألمانيا
(سبتمبر
الماضي) عن
علاقة العقل
بالله، وعن
نشر الإيمان
بالعنف، جاءت
كل الردود
الإسلامية
غاضبة، أي
عاطفية وليست
فكرية، وقامت جميعها
على المطالبة
بتنحية
البابا، إي
عقابه وليس
مجادلته
بالعقل
والمنطق،
وكان أول ما
فكر فيه رئيس
المجلس
العالمي
للعلماء
المسلمين هو دعوة
المسلمين إلى
جعل يوم
الجمعة
(اللاحقة للمحاضرة)
"يوما
للتعبير عن
الغضب والاحتجاج
على ما صدر عن
البابا من
أقوال" وحتى
اليوم لم تصدر
أي دراسة لها
وزن علمي من
قبل المؤسسات
الإسلامية
على وجهة نظر
البابا، وهو
أكبر مرجع
ديني
للمسيحية!
وانسجاما مع
التيار العاطفي
الكاسح، لزم
الصمت حتى
الفئات
الإسلامية
الوسطية التي
استثناها
البابا وركز
في محاضرته
على الحركات
الإسلامية
التي استخدمت
العنف
والإرهاب
للتعبير عن
موقفها
الديني من
بقية العالم!
المناطق
الرمادية على
ضوء تعقيب عبد
المنعم أبو الفتوح
نعود
الآن إلى
مناقشة
الأفكار
الأمريكية عن إمكانية
تحوّل
الحركات
الأصولية نحو
الديمقراطية،
إذا، وإذا فقط
تخلصّت هذه
الحركات من
مواقفها
الرمادية من حقوق
الإنسان
وحقوق المرأة
والعملية
الديمقراطية
ذاتها. ونورد
هنا عينات
قديمة وحديثة
عن مواقف
الإخوان
المسلمين
المصرية
توضح، أن الرمادية
سلاح تكتيكي
يغطي جميع
مراحل مخططهم
الاستراتيجي،
السياسي/الديني،
نضيف إليها
أسلوب التنصل
عن الخطأ
عندما يثير
ضدهم مشاعر
الناس أو
الحكومة، ثم
ارتكاب الخطأ
من جديد.
ولتسهيل
الترتيب
البياني في
تقديم
العينات سوف
أعتمد ردّ
الأستاذ عبد
المنعم أبو الفتوح عضو
مكتب الإرشاد
بجماعة
الإخوان
المسلمين على
ورقة (كارنيجي)
وكلاهما
منشوران على
موقع نشرة
الإصلاح
العربي
التي تصدرها
مؤسسة السلام
العالمي (كارنيجي)
تحت عنوان
الإصلاح
السياسي في
الشرق الأوسط.
يقول
أبو الفتوح
في ديباجة
تعقيبه: "إن ما
بدا خلطاً
وتداخلاً سببه
التضييق
والحصار
والملاحقة
والقمع الذي
تمارسه
الدولة".
وبهذا الكلام
يبدأ الأستاذ
أبو الفتوح
بحجة مردودة
من أساسها،
لأن قادة
الأخوان المسلمين،
ونتيجة
الغرور الذي
أدار رؤوسهم
لما حققوه في
الشارع،
كانوا أول من
بادر إلى استخدام
القمع ضد
الدولة
بالمصادمات
المسلحة (1931) مع
الشرطة
والمؤسسات
الرسمية،
ونسفهم دور السينما
ومراكز الفن
والثقافة في
الأربعينات،
أو
بالاغتيالات
التي طالت
فيما بعد موظفين
من كل
المستويات.
على ذلك، فإن
حقيقة النهايات
لا تهوّن من
طبيعة
البدايات!
1)
الشريعة
الإسلامية
يقول
الأستاذ عبد
المنعم أبو الفتوح إن
قانون
العقوبات في
الشريعة
الإسلامية يمثل
10% تقريباً من
أحكام
الشريعة، وإن
هذه العقوبات
هي عقوبات
رادعة أكثر
بكثير مما هي
تنفيذية،
الغرض منها
حفظ تماسك
المجتمع وصونه
وإصلاح
المجرم
المحتمل، وإن
الأصل في الإسلام أن كل
شيء مباح إلاّ
ما حرم بنص
قطعي
الدلالة.. الخ.
-
القول بأن
العقوبات في
الشريعة هي
عقوبات رادعة
وليست
تنفيذية، هو
قول أراد به
أبو الفتوح
التهرب من
الإجابة
المباشرة
بإجابة
رمادية عن
التزام
الإخوان
بقوانين
الشريعة. وفي
مسيرة
الإخوان صدرت
فتاوى وأحكام
بالقتل نفذت بحق
مسؤولين
ومثقفين
استند فيها
القتل إلى أحكام
الشريعة.
- ففي
عام 1931 أمر
التنظيم
السري
للإخوان بقتل
الحاكم الخازندار
لتخويف بقية
القضاة
المصريين من
إنزال عقوبات
غير مخففة بحق
الإخوان. وفي
هذه الحالة
أصبح فعل
القتل هو
الرادع،
وليست قوانين
الشريعة.
- في
عام 1992 قتل
المهندس
والكاتب فرج
فوده بناءاً
على فتوى
اعتبرته
مرتدّاً،
وارتداد فوده
تهمة ملفقة من
الناحية
الشرعية،
سببها
الحقيقي أنه
كان يعارض
بالكلام
والنقاش فرض
قوانين
الشريعة على
المجتمع
المصري، لأن الإخوان
حسب رأيه
يمثلون 1% من
المجتمع، ولا
يحق لهم فرض
الشريعة على الـ 99%
الباقين.
ويذكر د. رفعت
السعيد رئيس
التجمع التقدمي
الوحدوي أن
القاتل الذي
سأله القاضي
عن سبب قتله لفرج
فوده أجاب:
"لأنه
علماني" وحين
سأله القاضي
ماذا يعرف عن
العلمانية
قال القاتل:
"لا أعلم" وفي
هذه الحالة
أيضاً
أستخدمَ
القتل للردع.
وبين
هذين
المثالين
توجد جرائم
قتل عديدة أخرى،
أبرزها قتل
الرئيس
المصري
السابق أنور السادات،
والقتل الذي
كان يحدث لدى
اشتباكات
الإخوان مع
المعارضين
لهم في
الشوارع باستخدام
السكاكين
وأدوات القتل
الأخرى المسجلة
في سجلات
الشرطة.
- في
عام 1948 قتل
الإخوان رئيس
الوزراء النقراشي
لأنه أمر بحل
تنظيم جماعة
الإخوان،
وعندما وصل
إلى علم
المشرف العام
حسن البنا
أن وزارة
الداخلية
قررت التخلص
منه
باغتياله،
أصدر بيانه
الشهير الذي
نفى فيه علاقة
الإخوان
بالعملية
ووصف القاتل
بأنه ليس من
الإخوان وليس
مسلماً. وقد
أظهر المرشد
العام في تلك
الأيام ضعفاً
إنسانياً
مذلاً، هو
الذي كان يحضّ
الإخوان على
الجهاد لنصرة الجماعة
وسياستها
تجاه الخصوم،
مؤكداً لهم في
كل خطبه أن
الشهادة في
سبيل الدين
جزاؤها الجنّة(4).
ويقول
الكاتب محمد
حسنيين هيكل،
الذي سمحت له
الشرطة بحضور
عملية إعدام
القاتل، إن
القاتل قبل
نصف ساعة من
تنفيذ الحم لم
يكن خائفاً من
الموت، بقدر
ما كان في
حالة ذهول
عميق بعد أن أخبروه
ببيان المرشد
العام الذي
أنكر فيه علاقته
بالإخوان،
وأكثر من ذلك
أنه ليس
بمسلم!
2)
الموقف
من العنف
يقول
أبو الفتوح،
وهو عضو مكتب
الإرشاد في
جماعة
الإخوان المسلمين.
إن العنف
يتناقض مع
مبادئنا
ومناهجنا. وإن
فهمنا الصحيح
للإسلام
يجعلنا نثق كل
الثقة
بالطبيعة
الإنسانية
وبقدرة
الإسلام على
التفاعل الخلاق
مع هذه
الطبيعة في
أجواء الحرية
والتنافس
الديمقراطي
الذي يحترم
التنوع
والتعدد والاختلاف،
وإن المطلوب
من الغرب أن
يتطهر من العنف
وإعلاء قيمة
التسامح.
-
أولاً لم يوضح
أبو الفتوح،
عن عمد ولكي
يبقى داخل
الظلال
الرمادية، أي
نوع من
الطبيعة يقصد!
لأن طبيعة
الإنسان قد
تكون متسامحة
وقد تكون
متشددة،
مسالمة أو
عنيفة،
معتدلة أو
متطرفة.
والطبيعة
الإنسانية
عرضة للتحول
من سلوك إلى
سلوك مناقض
تماماً حسب
التدريب
والتربية
الأيديولوجية
التي ينشأ
فيها الشخص.
والمعروف عن
(منهج الإخوان
التربوي
للأسر)
الموجود في
بيت كل أخ
وأخت مسلمة
ليقرأه
الأولاد
والبنات منذ
سن الخامسة أو
السادسة، أن
المنهج يعتمد
حقيقة حياتية
خاصة
بالإخوان
وحدهم، تعتبر
المسلم
الملتزم بالعمل
الجماعي
الإسلامي هو
أرقى أنواع
البشر،
والأقرب، من
ناحية
المسافة، إلى
الله من كل المسلمين.
وعلى
ضوء مفهوم
الإخوان
للمسلم
الملتزم، فإن
الله يدير
ظهره وعنايته
لحوالي 1.2
مليار مسلم،
ويوليها فقط
لأعضاء
الحركات
الإسلامية! ومفهوم
الإخوان
للمسلم
الملتزم، أي
المسلم الحقيقي،
ما زال يعتمد
تفسير أكبر مفكريهم
(سيد قطب) الذي
اعتبر من ينضم
إلى الجماعة
الإسلامية
(الإخوان في
ذلك الوقت) هو
المسلم
الحقيقي، وكل
ما تبقى من
المسلمين هم
كفار، أي يجوز
بحقهم القتل
حسب الشريعة (3).
-
وبشكل عام،
تصنف الحركات
الإسلامية
الانتحاريين
والمقاتلين
في أفغانستان
والعراق وأوربا
وبقية
العالم، سواء
كان الضحايا
مسلمين أو
أجانب، تصنفهم
كشهداء
ثوابهم
الجنّة.
- ونورد
مثالاً
واحداً عن
المنطقة
الرمادية التي
تلزمها
الحركات
الإسلامية،
دون استثناء،
في موقفها من
العنف
والإرهاب:
- قال
خبير في شؤون
الحركات
الإسلامية (الأردن)
إن مشكلة
الإخوان
المسلمين
تكمن في
"تطلعاتهم
إلى وراثة فئة
تؤيد منهج
التكفير والعنف
مع احتفاظهم
بعلاقات جيدة
مع السلطات
الأردنية
التي باتت
هدفا
للتكفيريين
والمتطرفين
من اتباع أبو
مصعب الزرقاوي" ثم أوضح
ردّاً على
سؤال حول
العلاقة بين
الإخوان
والسلطات: "إن
المواقف
الملتبسة للإخوان
المسلمين تجاه
الإرهاب
والعنف، أي
تأييد الزرقاوي
إذا كان يقتل
مدنيين في العراق
ورفضه إذا فعل
ذلك عندنا،
والبيان الشديد
اللهجة وتنصل
الإخوان منه
ستسفر عن تساؤلات
وجدل حول هذا الامر" (ميدل
إيست اونلاين
– عمان –أسعد عبود)
3-4)
التعددية
السياسية
والموقف من
الديمقراطية
يسلّم
الأستاذ أبو الفتوح
بالتعددية
بين البشر
كتسليم بحق
الاختلاف، ويعتبر
التعددية في
الأفكار
ووسائل
تحقيقها في
حياة الناس
أمر طبيعي
ومنطقي. ويرى
أن رؤى اليسار
ورؤى
الليبرالية
جديرة
بالتواجد السياسي
طالما لا
تتعارض مع
القيم العليا
في دستور
التوافق
والإجماع
الذي يمثل
مرجعاً
للجميع.
- وحول هذه
النقطة نقول:
إن تاريخ
الإخوان الديني
والسياسي
يخلو من أي
اتفاق مع جهة
يسارية أو
ليبرالية
يوضح صيغة
المرجع الذي
يلتزم به الجميع
في حال وصول
أي منهم إلى
الحكم. السبب أن
مرجع الإخوان
في الحكم هو
الشريعة،
بينما مرجع
الآخرين
دستور مدني
ديمقراطي،
لذلك لا يريد
الإخوان
إلزام أنفسهم
باتفاق ينصّ
على مرجع من
هذا النوع.
-
يروّج
الإخوان
وبقية
الحركات
الإسلامية إلى
أن الشورى
التي نص عليها
القرآن
"وأمركم شورى
بينكم" فيها
كل خصائص
الديمقراطية،
ويرددون
أيضاً أن
العرب عرفوا
الديمقراطية
قبل الغرب!
وكلا
الادعاءين
غير صحيح.
أولاً: لأن أول
تجربة للشورى
بعد وفاة
النبي محمد
اقتصرت المشاركة
فيها على
زعماء وممثلي
القبائل الكبيرة
(قريش)
واستبعدت
عنها القبائل
الأخرى الصغيرة.
ولم تحصل
بعدها تجربة
ثانية يمكن
اعتبارها
نموذجاً
إسلامياً عن
المشاركة في
الآراء من دون
تمييز طبقي أو
ديني أو عرقي
في تداول
الحكم أو
تعيين الحاكم.
-
أما القول
بأن العرب
عرفوا
الديمقراطية
قبل الغرب،
فهذا القول هو
الآخر غير
صحيح، ويشير إلى
استخدام
الحركات
الإسلامية
المغالطات لتضليل
الناس
البسيطين،
إلا إذا كان
جميع الأصوليين
يجهلون التاريخ
السياسي
والفلسفي
خارج عزلتهم!
5)
الموقف من
المرأة
وحقوقها
المدنية.
يقول
الأستاذ أبو الفتوح إن
الإسلام يؤكد
على الحق
الكامل
للمرأة في إدارة
شؤون الأسرة
مع زوجها عن
تراض وتشاور
كما يذكر
القرآن
الكريم (هنا
أيضاً ربط
حقوق المرأة داخل
البيت إلى
قوانين الشريعة)
ويضيف: للمرأة
كل الحق في
المشاركة في
توجيه
المجتمع
وسياسة
الدولة،
ومشروع
الإسلام
الإصلاحي
يحمل للمرأة
دوراً كبيراً
في النهضة...
وحجاب المرأة
في الإسلام
يدور وفق مفهوم
الاحتشام فهو
لا يغطي عقلها
ولا شخصيتها
ولا
إنسانيتها.
-
وهنا سنتوقف
طويلاً عند
هذه المقولات،
لأنها أيضاً
غير صحيحة.
وبدايةً أن فرض
الحجاب على
ابنة الرابعة
أو الخامسة من
العمر يحجب
عنها حقها
الإنساني في
اختيار نوعية علاقتها
بعادات
المجتمع لدى
وصولها سنّ
الرشد، لأن
ارتداء
الحجاب منذ
الرابعة يكون
قد عمل على
تشكيل
شخصيتها
رغماً عن
وعيها وخيارها
الحرّ في السن
القانونية.
وجميع
الإسلاميين لا
يعتبرون خيار
المرأة الحرّ
يناسب الدين، ولا
يناسب
عاداتهم التي
تأسست على
مفهوم متخلف
عن مسألة
الشرف. وقد
أدت سياسة
التحجيب إلى
مشاكل خطيرة،
انتهى عدد
منها بالقتل
على يد الأب
أو الأخ
لفتيات أردن
الخروج إلى
الحياة بعد
الثامنة عشر
بما يتناسب مع
المحيط العصري
الذي يعشن
فيه.
-
لا يمكن لغير الإخواني
والسلفي
والرجعي في
السليقة أن
يعتبر خروج المرأة
إلى الشارع
وهي ملفعة
بالسواد تخفي
حتى عينها
ويديها
بالقفاز كتعبير
عن حالة
إنسانية
للمرأة!
-
تمثل سياسة
الفصل بين
الإناث
والذكور في
مدارس
الإخوان
الخاصة في
جميع البلدان
العربية
مبدءاً
أساسياً في
منهجهم،
وليسمح لنا
أبو الفتوح
بتقديم مثال
عن أخواني
واحد يبيح
لزوجته أو بناته
بارتياد
السوق
من دون حجاب
كثيف على
الوجه، أو حتى
لدى استقباله
لأقربائه داخل
البيت.
-
وهنا أمثلة
تؤكد أن قضايا
المرأة سجلت
تراجعاً
كبيراً منذ
ظهور الإخوان
حتى اليوم.
(أ) يقول
تقرير
التنمية
الإنسانية
العربية للعام
2005 الذي يصدر عن
جهة دولية
محايدة
(برنامج الأمم
المتحدة
الإنمائي) إن
هناك قوتين
رئيسيتين
مسيطرتين،
تكبحان نهوض
المرأة في
العالم
العربي هما
الأنظمة
العلمانية
القهرية التي
عملت على
التلاعب
بقضايا المرأة
حسب مصالحها
السياسية،
وصعود
الحركات الإسلامية.
وإن الأزمة مع
الإسلاميين
"لا ترتبط فقط
بخطابهم
ونظرتهم
المحافظة
إزاء مكانة المرأة،
وإنما في
أيديولوجيتهم
الأوسع"
(ب)
يقول
المستشار
طارق البشري:
إن الإسلام لم
يعط للمرأة
حقوقاً، إذ
ليس في
الإسلام حيالها
سوى واجبات.
(ج) يقول
سعيد الكحل:
إن المرأة
العربية ضحية
ثقافة وأعراف
تلبست بالدين.
و"لا شك أن
وضعية المرأة
العربية أشدّ
تعقيداً من
وضعية غيرها من
نساء العالم.
(موقع المركز
التقدمي
لدراسات
وأبحاث
مساواة
المرأة 7/4/2005)
(د) تقول
د.نادية محمود
مصطفى في
دراسة بعنوان
"الدين كمعوق
لنمو المرأة،
الحجاب
بالضرورة تهميش
وعزل":
"في
مقابل النظر إلى
الدين كمعوق
لنمو المرأة،
فالحجاب
بالضرورة
تهميش وعزل.
"في
مقابل علو
الصوت
الراديكالي النسوي
الذي يلقى
المساندة من
الحكومات ومن
المؤسسات الدولية،
يغيب خطاب
إسلامي فاعل
لانشغاله بالدفاع
ضد ما يتعرض
له من (نقد حول)
انتهاكات حقوق
الإنسان
ولانشغاله
بالبحث عن
مصادر التمويل
اللازمة.
" يتبلور
كل ما سبق في
الرؤية
الإسلامية التجديدية
عن الحجاب،
التعليم،
المشاركة السياسية،
العمل
المهني،
الأحوال
الشخصية،
الحرية
الشخصية.
ففضلا عن
الجدال بين
المنظور
النسوي
العلماني
والمنظور
الإسلامي حول
هذه القضايا،
وهو الجدال
الذي يعكس اختلاف
الأطر
المرجعية
ومنظومة
القيم، فإن روافد
التيار
الإسلامي لا
تتطابق في اجتهاداتها
حول وضع
المرأة. وهو
الأمر الذي يستغله
التيار
العلماني
ليضيفه إلى
هجومه
على مواقف
الإسلاميين
من المرأة رغم
انقسامه هو
ذاته بين
مدارس
أيدلوجية وأجنحة
شتى متنازعة
ومتنافس" (إسلام
أونلاين)
http://www.islamonline.net/Arabic/contemporary/2003/07/article03.shtml
6)
الموقف من الأقليات
الدينية
أخيراً
يقرر أبو الفتوح
أن منهج
الإخوان يعدّ
حرية
الاعتقاد أول
حق من حقوق
الإنسان
والمبدأ
الإسلامي
الذي يحكم ذلك
هو "لا إكراه
في الدين"
وتعدّ
المواطنة في
مشروع
الإسلام
الإصلاحي
أساس للوجود
في المجتمع
بغض النظر عن
الدين أو
اللون أو المذهب...
والجزية
والذمية و ما
إلى ذلك من
مصطلحات تاريخية
حل محلها
مفهوم (
ديموقراطية
المواطنة في
دولة العدل
والقانون).
- لم أجد
في تاريخ مصر
جماعة عملت
سياستها وأيديولوجيتها
الدينية على
تأجيج النعرة
الطائفية
والتعصب
الديني كما
فعلت جماعة
الإخوان
المسلمين. وينطبق
على كلام
الأستاذ أبو الفتوح
القول: "وتخفي
في نفسك ما
الله
مبدِيَه" (7)
لذلك سوف أترك
الوقائع
وفتاوى قادة
الإخوان المسلمين
ومناصريهم
تردّ عليه.
- يقول د.
رفعت السعيد رئيس حزب
التجمع
التقدمي
الوحدوي في
مقال نشر في
جريدة
الأهالي
(العدد 1258
ديسمبر عام 2005): "إن
الإخوان
كانوا في
الماضي
يرفضون شعار
"عاش الهلال
مع الصليب"،
وهو الشعار
الذي رفعته ثورة
1919 حيث قالوا إن
المسيحيين
يجب ألا يدخلوا
الجيش، بزعم
أن الجيش مخصص
للدفاع عن
الإسلام، وأن
على
المسيحيين أن
يدفعوا
الجزية.
"وفي
ما يتعلق
بالكنائس قال
السعيد إنه في
العدد رقم 56 من
شهر ديسمبر
عام 1980 في مجلة
الدعوة، وهي
المجلة
الرسمية
لجماعة
الإخوان
المسلمين
آنذاك ، أصدر
محمد عبد الله
الخطيب عضو
مكتب الإرشاد
ومفتي
الجماعة، فتوى
عن بناء الكنائس
في ديار
الإسلام جاء
فيها:
"الأول:
هو البلاد
التي أحدثها
المسلمون وأقاموها
سواء في
المعادي
والعاشر من
رمضان وحلوان
وأمثالها،
وقال المفتي الإخواني
إنه لا يجوز
فيها إحداث أو
بناء كنيسة،
ولا ضيعة..
والبند
الثاني: ما
فتحه
المسلمون من
البلاد عنوة
كالإسكندرية والقسطنطينية،
قائلاً في
فتواه إنه
يجوز أيضاً
بناء "هذه
الأشياء فيها
(يقصد
الكنائس)"، مضيفاً
في تلك الفتوي
أن بعض
العلماء قال
بوجوب الهدم
لأن الأرض المقامة
عليها
الكنائس
مملوكة
للمسلمين.
"أما النوع
الثالث فكان
يتعلق
بالبلاد التي أخذها
المسلمون
بالصلح، وفي الآراء
التي أوردتها الفتوي الإخوانية
الإبقاء علي
ما وجد من
كنائس، ومنع
بناء أو إعادة
بناء ما هدم
منها.. وأوضح
في فتواه أنه
بشكل عام لا
يجوز إحداث
كنيسة في بلاد
الإسلام !!
"وقال
الدكتور
السعيد إنه من
حق أي إنسان
أن ينظر لهذه الفتوي
برعب لأن أي
شاب حين
يقرؤها سوف
يذهب للكنيسة
حاملاً «جركن»
بنزين ويحرقها"
- أقرب من
ذلك، في تصريح
لمحمد حبيب
نائب المرشد
العام
للإخوان
لصحيفة
الزمان (17 مايو
2005) قال: "نحن
جماعة
الإخوان نرفض
أي دستور يقوم
على القوانين
المدنية
العلمانية،
وعليه لا يمكن
للأقباط أن
يشكلوا كيانا
سياسيا في هذه
البلاد. وحين
تتسلم
الجماعة
(الإخوان) مقاليد
السلطة
والحكم في مصر
فإنها سوف
تبدل الدستور
الحالي،
بدستور
إسلامي، يحرم
بموجبه كافة
غير المسلمين
من تقلد أي
مناصب عليا، سواء
في الدولة أو
القوات
المسلحة، لأن
هذه الحقوق
ستكون قاصرة
على المسلمين
دون سواهم،
وإذا قرر
المصريون
انتخاب قبطي
للمنصب الرئاسي،
فأننا سوف
نسجل
اعتراضاً على
خطوة كهذه باعتبار
أن ذلك خيارنا
نحن".
- في حوار
لسامح فوزي مع
مأمون الهضيبي
قال الهضيبي:
"إن الأقباط
مواطنون
لكنهم أهل
ذمّة"
- في
مجموعة حسن البنا (الطبعة
الشرعية 1990 ص 280،
ص 394) ذكر البنا
نصّاً: "وجوب
قتل أهل
الكتاب، وأن
الله يضاعف أجر
من قاتلهم"
وعن توظيفهم
"لا بأس بأن
تستعين بغير
المسلمين عند
الضرورة وفي
غير مناصب الولاية
العامة".
(مجموعة رسائل
حسن البنا
الطبعة
الشرعية-شفاف
الشرق الأوسط
24 ديسمبر 2005)
الخلاصة
إن
الحركات الإسلامية،
وعلى قمة
الهرم منها
جماعة
الأخوان المسلمين
المصرية،
تلجأ إلى
المناطق
الرمادية في
تفسير
مواقفها من
القضايا
العصرية ضمن تكتيك
يهدف إلى
تشتيت وإقلاق
مواقف
المعارضين
لمنهجها
الديني
المتشدّد من
جهة، ولإخفاء
إستراتيجيتها
السياسية
الانقلابية
المهتمة
بالوصول إلى
السلطة عبر
البرلمانات
(مصر، الأردن،
فلسطين، دول
الخليج) أو
عبر السلاح
(الصومال مؤخراً)
من جهة أخرى.
وإذا لم
تغيّر
الحركات
الإسلامية
الخطوط العريضة
في منهجها
السياسي/الديني
علناً، وتدخل
تعديلات
جوهرية على
منهجها
التربوي والتعليمي،
فإن أي دعم
سياسي خارجي
أو داخلي يفتح
المجال
لتسلّل هذه
الحركات إلى
المراكز
التشريعية من
خلال
الانتخابات الديمقراطية،
سوف يلحق
ضرراً كبيراً
ببنية التوازنات
الحالية في
المجتمعات
العربية، ويسرّع
في إيصال
النهج السلفي
إلى الحكم.
لقد أدت
الضغوط التي
مارستها
إدارة الرئيس
بوش على الحكومات
العربية (مصر،
فلسطين) إلى
تساهل السلطات
التنفيذية
والقضائية في
البلدين
المذكورين
تجاه
التجاوزات
الكثيرة التي
قام بها الإسلاميون
للحصول على
أصوات لا
يستحقونها من
الناخبين. وقد
اعتمدت
الإدارة
الأمريكية فكرة
تجريبية غير
بناءة وعلى
ضوء تحليل
أغفل الحقائق
الموضوعية في
مصر وفلسطين،
ويجهل
الأساليب
التقليدية
للحركات
الإسلامية في
الإرهاب والتخويف
والكذب وشراء
الأصوات من
خلال معونات
معيشية مؤقتة
تعجز
الحكومات عن
تقديمها،
كانت جميعها
العامل
الحاسم في
نتائج الانتخابات
في البلدين.
ما زالت
الإدارة
الأمريكية
ترسم سياستها
من الحركات
الإسلامية
بأمل تغيير مواقف
هذه الحركات
من القضايا
العصرية، ومن
الديمقراطية
على وجه
الخصوص، قبل
الحصول من الحركات
الإسلامية
على التزام
علني تتبعه
خطوات ملموسة
على الأرض.
المشكلة
الأساسية ذات
الأبعاد
المتنوعة الأخطار
على
المجتمعات
العربية، أن
الحركات
الإسلامية
تطرح مشروعاً
تسميه (الإصلاح
الإسلامي)
يعتمد
إيديولوجية
تبعد من منهجها
أهم الأفكار
العصرية التي
نجحت عملياً
في تطوير
مجتمعات أخرى.
وهي تربط
الإصلاح بالجوانب
السلبية من
التراث
الإسلامي
القديم، كما
تحارب الخطاب
الإسلامي
المتنوّر بخطابات
عمومية تخلط
الماضي
بالحاضر،
وتقدم الماضي
(التراث) على
الحاضر،
باعتبار ذاك
التراث، وهو يمثل
مرحلة واحدة
من بين مئات
المراحل في
مسيرة التطور
التاريخي
للإنسان،
تراث أبدي في
صلاحيته، أي
تنسحب
فعاليته على
ما قبله وما
بعده! وهي
(الحركات
الإسلامية)
لعجزها ودوغمائيتها
ترفض مناقشة
الخطاب
الإسلامي
المتنور، وتسارع
بدلاً من ذلك
إلى اتهام
أصحابه
بالردّة، وتطلق
الفتاوى أما
للتحريض على
قتلهم، أو حملهم
على التوجه
إلى المنافي.
وهذه الأنواع
من السلوك
تشير إلى
أيديولوجية
قمعية،
سياسية أكثر
منها لاهوتية
معنية بالدين
ذاته.
إن بعض
المواقف التي
تصدر في الغرب
بدافع
التعاطف مع
الفلسطينيين
الذين يمرون
بمحنة كبيرة
تقف وراءها
حماس
وإسرائيل،
مثل موقف
الرئيس الأمريكي
السابق جيمي
كارتر الذي
أكن له كل التقدير،
الذي حمل
إدارة كلينتون
مسؤولية عدم
توقيع عرفات
على العروض
التي قدمها
أيهود باراك وقتها
لتسليم القدس
الشرقية
للفلسطينيين
مقابل
التوقيع على
اتفاق شامل
للسلام، بينما
أشارت الكتب
والتقارير
التي تناولت
المفاوضات أن
عرفات خاف
قبول عرض
باراك لأنه
سيقتل على يد
الإسلاميين
كما قُتل السادات
حين وقع على
اتفاقية
السلام، وأكد
عرفات هذه
الحقيقة في تصريحات
رسمية على
شاشات
التلفزيون،
أقول إن هذه
المواقف
والتصريحات
غير الدقيقة
تسمح للحركات
الإسلامية
المتشدّدة
بالتحريض على العنف
والإرهاب في
أوساط الشباب
العرب، بأن تضيف
إلى رصيدها
الكبير من
المغالطات
والأكاذيب
كلاماً
جديداًُ تدعم
به دعايتها
السياسية.
وكمبدأ
عام، فإن قول
الحقيقة
يساعد العقل
على إيجاد
الحلول
للمشاكل، عكس
العاطفة التي
تعمل على
تعقيدها.
________________________
(1) أثبتت
مخطوطة عثر
عليها حديثاُ
في اليمن أن
نصوص القرآن
الأولى التي
كتبت قبل دخول
التنقيط على
اللغة
العربية،
حملت عدداً كبيراً
من الأخطاء
اللغوية بعد
جمع المصاحف
في مصحف واحد
أطلق عليه
يومها مصحف
عثمان. ومن
بين تلك الأخطاء
كلمة الحور،
وهي في الأصل
الخور، وتعني
عصير العنب،
ولا علاقة
للكلمة
الأصلية بالصبايا
المثيرات
لشهوات
المراهقين.
(2)
تاريخية
الفكر العربي
الإسلامي-
محمد أركون-
النسخة
العربية صفحة
135.
(3)
انظر كتاب "في
ظلال القرآن"
لسيد قطب ورأي
الأصوليين في
فكر سيد قطب
التكفيري على
الرابط
الإلكتروني http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?p=32123
(4) الوساطات
العديدة التي
قام بها حسن البنا
للتخلص من
عملية
الاغتيال،
وهرب اسامة
بن لادن
من معركة تورا
متخلياً عن
المئات من
مقاتليه
للنجاة بنفسه،
يؤكدان أن
الزعماء
الأصوليين لا
يؤمنون بصورة
قطعية بمقولة
الشهادة
والجنّة التي
أرسلوا
باسمها آلاف
الانتحاريين.
(*) في
المناطق
القبلية في
أفغانستان
وباكستان
وإيران
والعراق، حيث
يشكّل مزدوج
الأميّة/التخلف
نسبة عالية
بين السكان،
يُجند الرجال
من كل الأعمار
في المقاومة
ضد جيوش
الاحتلال.
(5)
أول فرع
أضافته جامعة
الأزهر إلى
منهجها ليهتم
بدراسة
الديانات
الأخرى كان في
بداية الثمانينات.
حيث أهمل
الإطلاع
ومعرفة الفكر
اللاهوتي
للمسيحية
واليهودية والبوذية
قروناً عديدة.
(6) برنامج
تحت الضوء –
تلفزيون
العربية- 19/4/2005.
(7)
جزء من الآية 39
في سورة
الأحزاب.